rewaqi.com

المعرفة فن، لكنّ التعليم فن آخر قائم بحدّ ذاته.

اعتراف في حضرة الغياب والحضور الأول


ندائي الأخير لك

أقسم لك إنه ندائي الأخير

حاولت معك بشتى وسائل العطر والحواس، غابت عني كل الأشياء وأنا أبحث عنك، ووحدها صورتك التي بقيت عالقة في الذهن، وفي كل مرة كنت أتأمل تقاسيم وجهك كنت أتفقد شيئا من ملامحي حتى لا أفقد شيئا منها، فبحضرة خيالك المرسوم على لوحات ذاكرتي لا أقاوم، لا أستطيع المقاومة، كنت تزورني في كل مرة كنت آتي فيها بحلة جديدة، وتغدق علي من قيود سلاسلك التي كانت أجمل الأوقات أقضيها وأنا مكبل به، انتظرت منك الأمان الذي وعدتني به، ووصالك الذي لن ينتهي ما حييت، هكذا وعدتني وهكذا كنت تسامرني ليالي طوالا.
أعترف بأن رفقتك كانت مدينة جميلة، مدينة منذ الأزل كقلعة ضاربة في جذور تاريخي، كنت أتجول فيها وكأنني كمن يحلق في سماء الكون، دون أن أدرك أن لحظة السقوط لا بد منها، كنت دائما تثير دهشتي كما أنا، وتصل فيّ الدهشة حد الجنون، رأيتك لوحة مطرزة حملت خيوط كل التواريخ والأزمنة، رأيتك كلمة تختلف عن باقي الكلمات، فيها صبا صيفي وحضورها أيضا مختلف عن حضور باقي الكلمات..
أعترف بأن السعادة بحضرتك كانت تلفني تماما وتقضي على كل ما يشعرني ولو من بعيد بالحزن، وأن الحديث معك كان له مذاق حد الجنون وحد كل دهشة، أيها المدهش..
واليوم وبعد مرور وقت طويل على تلك الذكرى الرائعة جئت في محاولة مجنونة لنسف كل شيء، حتى ذاكرتي التي أتأملك فيها، ومع كل ذلك انتظرتك وأنتظرك، وأحتاجك كما احتجتني يوما ووجدتني ... نعم أعترف بأنني أحتاجك، فإن جئت فدليل على انتصارك، وإن بقيت مغادرا، فهذه آخر رسوماتي إليك ...

اعتراف حقيقي من وجع واقع مرّ