rewaqi.com

المعرفة فن، لكنّ التعليم فن آخر قائم بحدّ ذاته.

وجهان لعملة واحدة، اسمها الحزن

زيديني ألما حتى أشعر بقيمة الفراق الذي جاءني بغتة، جاء ليزرع جذعا لا أظنه سيموت أبدا في جوف القلب، زيديني (آه ) تخرج من الصدر، تكسر عظمه، وتأتي على حنجرتين متعطشتين للفظ حروف اسمك.

قولي لي يا من تنفست الحزن طيلة اثنتين وأربعين سنة، قولي لي: من أين لي بالفرح بعد كل هذا الغياب، حيث لا عودة، حيث لا طلة ترد لي شيئا من شتاء العمر الذي لم أجن منه شيئا حتى اللحظة؟!

غبتِ كثيرًا، وأطلتِ الغياب، احترفتِ معنى الرحيل، وعرفتِ جيدًا متى يكون الجرح غائرًا في القلب وفي النفس معا، وكأنكِ كنتِ قد خططتِ لهذا القهر منذ زمن بعيد!

أي مرارة خلقنا لنتجرعها؟ أي صداع في الرأس من الممكن أن نحتمله ونحن نفكر دائمًا فيمن رحل؟! تداخلت الحروف، وصارت لوحة المفاتيح ضبابية؛ لأن الدمع صار كحبات شتاء في عز ليلة شتوية باردة جدًا.

فراقك كان نوبة جنون، كان ضربًا من الخيال والأساطير التي كنّا نسمع عنها في حكايا أمي، وكأنها كانت تسرد لنا وقتها حقائق، لا أدري إن كانت على علم بها أم أنها مجرد نسج خيال ..

وبمناسبة الحديث عن السمر مع أمي، أمي أصبحت لا تشعر أبدًا بأية قيمة للحياة بعد رحيلك عنا أقصد عنها.

أنت وأمي وجهان لعملة واحدة اسمها الحزن، وبالبحث في قواميس اللغة العربية المختصة بترجمة مفردات الفرح تجدين مرادفًا للحزن اسمه الألم، الوجع، أنين طفل عند حافة قبر أمه..

هكذا عرفت الفرح في عينيكما، حزن خالص، أنقى من ماء خرج توًّا من نبع ماء حطّه الجبل من أعلى رأسه بشيء قليل.

مر زمن لم أبث فيه حزناً بهذا الشكل.

اشتقتكِ..