rewaqi.com

المعرفة فن، لكنّ التعليم فن آخر قائم بحدّ ذاته.

مسارح وهميّة

كنت أعتقد بأن المسرحيات تعرض فقط على ما يسمى بخشبات المسرح وفي مكان معين ومعروف، لكنه لم يخطر ببالي ولا بأية حال أن شخوصها غالبية من نتعامل معهم، وأن أماكن عرضها احتلت معظم الأماكن التي نمر بها ومن خلالها ،، أولئك الأشخاص الذين كسروا أجنحتهم قبل أن يكسروا أجنحتنا، الذين مثلوا الأدوار وأتقنوها ضاحكين على أنفسهم قبل أن يفعلوها بنا، الذين سلبوا منا قطاف عمرنا وما تركوا لنا ولو زبيبة واحدة نذوق من خلالها حلاوة أيامنا التي نعيشها، والتي عشنا جزءًا كبيرًا منها لأجلهم.

معهم عرفنا الأغاني والسنونوات، وأن الأرض بحضرتهم لا تدور، وأن الابتسامة لا يمكنها مفارقة محيانا، وأن حيلولة الصحراء واحات للعشق ما كانت إلا بوجودهم معنا.. معهم صارت القلوب غزلانًا، والأصابع فراشات في قمة حيويتها ونضوجها، وأن آهاتنا غدت ضحكات عالية عند تلقي قلوبهم لها.

معهم عرفنا كل ذلك ولم نكن ندري أن السكاكين كانت بانتظارنا لحين دوران ظهورنا لهم، ولم نكن نعلم بأننا وقفنا طوال تلك الفترة من الزمن فوق أرض تحتها نيران ستأتي علينا ذات يوم، وأن سموم رياحهم ستتداخل مع أنفاسنا...

نحن أحببناهم بصدق، وهم حاولوا قتلنا بكل الأشياء، وأنا على يقين بأنهم يعرفون بأن الواحد فينا سينهض من جديد كما لو أن شيئًا لم يكن، نعم، سننهض لأننا خلقنا لذلك، فرغم التعب ومرارة استنشاق هوائهم على ما فعلوه بنا سننهض،، سننهض وسنقطف لهم ياسمينة من القلب مع زجاجة عطرية امتلأت بأنفاسنا التي اختلطت يوما بأنفاسهم، وسنناجي ربنا باكين أن يغفر لهم زلاتهم معنا ... فقلوبنا مازالت تحتل مساحات شاسعة من الحب الذي ما عرف شيئا غيره.

وماذا بعد؟!!

فمازال هناك متسع لسيناريوهات جديدة وممثلين ومخرجين، أما المسارح فهي موطئ كل قدم